الطفل والأمل
أمام المحيط الكبير وعند شاطئه الفسيح وقف طفل صغير من أطفال المكسيك ونظر إلى نجمة البحر التي قذفتها الأمواج الهائجة. وبعد ثوان من التأمل قرر الصبي أن يجري نحو نجمة ليعيدها إلى المحيط قبل أن تموت وكلما أعاد نجمة إلى البحر قذفت الأمواج بالعشرات ولكن الصبي لم يكترث بذلك وراح بجد ونشاط يقوم بدوره الإنساني الإيجابي نحو نجوم البحر… فجأة ناداه فيلسوف كان يتابع نشاطه وقال له : يا بني لماذا تعيد نجوم البحر إلى موطنها؟ يا بني ألا ترى ملايين النجوم قد تناثرت على الشاطئ …… قال الصبي: إنني أشعر بالسعادة لأنني أحاول أن أخدم الآخرين ويكفيني فخرا أنني أبذل الذي أستطيعه.
قال الفيلسوف : أن نجمة البحر التي أنقذتها قد تلفظها الأمواج من جديد فتعود إلى الساحل وتموت. يا بني انظر إلى ملايين النجوم انك لم تصلح شيئا ……. انظر إلى الأمام …….. انظر بواقعية ……
قال الصبي : لقد شغلتني بحوارك هذا عن عملية الإنقاذ فاتركني لأعمل واجلس أنت في برجك العاجي وانظر إلى موت الملايين من نجوم البحر دون أن تحرك ساكنا أما أنا فسعادتي بأن أبذل وأسعي في انتشال مما يمكن انتشاله. مضى الصبي يلقي بالنجوم إلى المحيط ويطرب بسماع صوت الأمواج دون إحباط ويواجهها بالأمل اليافع والعمل النافع غير عابئ بالفيلسوف الذي حاول أن يسبح في محيط الأفكار ولكنه غرق مع أمواج وأفواج القنوط والتثبيط.
لم يعلم الفيلسوف أن المطلوب منه السعي في الإصلاح مهما كانت الجراح …..إذا استضأنا بنور تلك الأقصوصة نجد أن أعداد المدمنين على المخدرات …. المنحرفين ….. المقصرين …. لا تنحصر ولكن أبواب الأمل يجب أن لا تقفل وكل جهد ولو كان بسيطا يجب أن يبذل لسد الخلل وعلاج الزلل. لقد عاش الطفل في أعماق الحياة فغرس الأمل على طول رمال الساحل وعاش الفيلسوف على هامشها فلم ينفعه علمه الواسع في خدمة الواقع.
أيها المعلم، أيها الأب، أيتها الأم، أيها الداعية إذا لم تتحركوا نحو الإصلاح فمن سيتحرك؟
إذا لم تتحركوا الآن فمتى سنتحرك؟
إذا لم يبدأ الإصلاح هنا فأين سنبدأ؟
وإذا لم يبدأ الإنسان من الداخل فكيف يكون؟