المؤامرات الدولية
عشية نشوب الحرب العالمية الأولى,كانت الحكومة البريطانية تجري اتصالات
بالشريف حسين بن علي,أمير مكة,بقصد استمالته وكسب العرب إلى جانبها
وتشجيعهم على الثورة ضد الحكومة العثمانية التي كانت الدلائل تشير إلى احتمال خوضها الحرب إلى جانب ألمانيا وكانت بريطانيا تهدف من وراء
تشجيع العرب على الثورة ضد الأتراك،إلى إضعاف الموقف العسكري التركي
وبالتالي تخفيف الضغط على قناة السويس, وحماية امتيازات النفط في العراق,
والحيلولة دون إجماع المسلمين على تلبية نداء السلطان العثماني بالدعوة إلى الجهاد, كما كانت بريطانيا تخشى تعاظم النفوذ الألماني في العاصمة العثمانية,
ورأت في المشروع الخط الحديدي الذي يربط بين برلين وبغداد تهديدا لمصالحها
ومواصلاتها بين الخليج العربي والهند.وهكذا استغلت بريطانيا تطلع العرب
إلى الاستقلال عن الدولة العثمانية وتحقيق أمانيهم القومية في الوحدة والحرية
وشجعهم على الثورة ضد الحكومة العثمانية في مقابل وعود بالاعتراف بدولة عربية مستقلة ضمن حدود لا شك في أن فلسطين كانت داخلة فيها,على أن الحكومة البريطانية أنكرت ذلك فيما بعد. وجرت الاتصالات البريطانية-العربية بين السير هنري مكماهون المعتمد البريطاني في القاهرة والشرف حسين أمير مكة الذي فوض إليه رجالات العرب وقادة الحركات السرية الوطنية (جمعية"الفتاة" و"العهد"وغيرها) التحدث باسم العرب جميعا بشأن الاستقلال والوحدة وذلك خلال الفترة من تموز "يوليو"1915 إلى آذار "مارس"1916.
وفي هذه الأثناء,كان القائد التركي جمال باشا يفتك بالوطنيين من الزعماء العرب ويرسلهم إلى أعواد المشانق فكانت القافلة الأولى من شهداء الاستقلال في 21آب "أغسطس"1915 والقافلة الثانية في 6آيار "مايو" 1916. وكان بين الشهداء عدد من زعماء فلسطين وكانت التهمة هي العمل من أجل استقلال سوريا وفلسطين والعراق عن الدولة العثماني.وفي أثر إعدام الشهداء دوت صيحة"طاب الموت يا عرب"مما دفع الشريف حسين إلى التعجيل في إعلان ثورته ضد الأتراك وكان ذلك في 5حزيران "يونيو"1916.